عميد الرياضة النجفية .. محمد الفضلي : رحلة خمسين عاماً من العطاء الثر

عميد الرياضة النجفية .. محمد الفضلي : رحلة خمسين عاماً من العطاء الثر
مونديال _ قصي الفضلي
* أسس اتحاد الفضلي لمقارعة نجوم الكرة العراقية وليكون النواة لتأسيس نادي النجف * يعد من الرواد الأوائل في بناء الحركة الرياضية في مدينة الأشرف * اول شخصية رياضية نجفية تترأس الوفود العراقية في المحافل الدولية * ماحكاية الخمسة دنانير التي باعها بدينار من اجل تضييف فريق بغدادي * لجرأته اعتقله ( الكسيح ) في سجن الرضوانية عندما تذكر الرياضة في مدينة النجف الاشرف بشكل عام ونادي النجف تحديدا هنالك اسم يجب ان يتوقف عنده كثيرا , الأ وهو الرائد الريااضي محمد الفضلي الذي له مسيرة رياضية وتربوية ثرة وحافلة بالانجازات تجاوزت الخمسين عاماً لاعباً وإدارياً محنكاً كان يمتلك الجرأة والشجاعة والحكمة ونكران ذات من طراز نادر ، كان له فضلاً كبيراً في تخريج العديد من الأجيال الرياضية التي مازالت تتذكره بكل وفاء وعرفان واجلال لما قدمه خلال مسيرته الحافلة بالدورس والعبر والتضحيات في سبيل الرياضة والرياضيين بدليل واقع الحال الصعب الذي كان يعيشه . توفي المرحوم الفضلي في نهاية عام 2007 بعد صراع مع المرض لم يمهله طويلاً ، وقد حظيت وفاته بأهتمام واسع من لدن القائمين على الحركة الرياضية في النجف الاشرف خلال مراسم التشيع ، واقامة مجلس الفاتحة الذي شهد المشاركة الواسعة من كل الرياضيين لاسيما من الاتحادات المركزية ورؤساء وادارات الاندية والاتحادات الفرعية ، فضلا عن الجماهير الرياضية في المحافظة وفرقها الشعبية ، اذ تم تعليق الانشطة الرياضية لمدة ثلاثة ايام حداداً على الفقيد ، وهي سابقة تحسب للرياضة النجفية التي أوفت لفقيدها من خلال وقفتها المشهودة باعتباره داعماً أساسياً لديمومة الانشطة الرياضية المختلفة ” مونديال ” يستذكر الفقيد الاستاذ محمد الفضلي ليمر على بعض المحطات في مسيرته الرياضية الثرة وعبر الاتي : الفضلي في سطور ولد المرحوم محمد الفضلي في مدينة النجف الاشرف عام ” 1937 ” في اسرة علمية وادبية تحتل موقعاً متميزاً بين الأسر النجفية العريقة لما تحتويه من اسماء علمية وادبية ولأجيال متعددة والقائمة تعرض وتطول ، الااننا نكتفي بذكر والده الشيخ عبد الزهرة الفضلي الذي كرس حياته لتحصيل العلم وخدمة مرقد امير المؤمنين عليه السلام و الذين كانوا ينعمون بصوته الشجي خلال المحاضرات واداء مراسم الزيارة . اكمل المرحوم الفضلي دراسته الاعداية والتحق بكلية الفقه وتخرج منها عام ” 1962″ وعين مدرساً وتبوء العديد من المناصب الادارية في مجال العمل التربوي والرياضي مسيرته مع الكرة كان الفقيد رياضياً بالفطرة ومؤهلاً للمشاركة في اي لعبة رياضية لكنه تميز بلعبة كرة القدم التي بدأ مسيرته الكروية الحافلة معها عام ” 1950″ اذ مثل العديد من الفرق الشعبية ومنها فريق النصر ومن بعدها فرق اتحاد الفرات والمقاومة الذي كان احد المساهمين في تأسيسه والانوار واتحاد الغري الاهلي وغيرها ، وكان من اللاعبين البارزين فيها يوم كانت هذه الفرق تغطي معظم ملاعب مدينة النجف لعدم توفر اي نادٍ رياضي في تلك الحقبة الزمنية التي تعد المراحل الاولى لتاسيس لعبة كرة القدم النظامية في المدينة ، وفي عام ” 1956″ مثل فريق اعدادية النجف ومنتخب تربية كربلاء ونادي الجماهير ولعب لمنتخب كربلاء والنجف عام” 1958 ” ، وشركة النفط الجنوبية لثلاثة مواسم حيث عدت هذه الفترة الزمنية محطة لبروزه لاعبا” ومن ثم تسليط الضوء كرياضي متميز . فريق اتحاد الفضلي كان من اشهر الفرق الشعبية في مدينة النجف وقد أسسه الراحل مع زملائه محمد حسين اسماعيل وعلوان منى في يوم ” 5-11 – 1960 ” واستمر يمثل كرة القدم في محافظة النجف منذ تأسسيه الى حين ولادة نادي النجف عام “1967” ، وكان من اشهر واقوى الفرق في منطقة الفرات الاوسط لاحتوائه على نخبة مميزة من اللاعبين ، ولعل ابرزهم حارس منتخبنا الوطني احسان بهية ومحمد الفضلي ومالك فلفل وعلوان مني وفؤاد ابراهيم وعلاء الطفيلي ومحمد حسين اسماعيل وآخرين لايسعنا آفق الموضوع لذكرهم ، ونتيجة لهذه السمعة الكبيرة اصبح الفريق محطاً لانظار اقوى الفرق التي كانت ترغب بملاقاته في مباريات ودية واستضاف العديد من الفرق الكبيرة لاسيما من فرق اندية العاصمة فلعب بمواجهة فريق مصحلة نقل الركاب ونادي الامة والفرقة الثالثة والنادي الاثوري والفرقة الاولى وشرطة النجدة والكلية العسكرية وغيرها ، اذ كانت هذه الفرق تضم معظم نجوم ولاعبي المنتخب الوطني العراقي مثل الراحل عموبابا وناصر جكو ويورا ايشايا وعبد كاظم وحامد فوزي والبرت وحسن بلة ومجبل فرطوس ومحمد ثامر وفتاح نصيف وشدراك يوسف وكوكبة من نجوم اخرين تكونت معهم علاقات رياضية اخوية طيبة ومستمرة. ولادة نادي النجف الرياضي في مقر اتحاد الفضلي في مقهى ( الأنكراني ) الذي يقع في مركز المدينة عقد المرحوم الفضلي وزميله محمد حسين اسماعيل اجتماعاً لاعضاء الفريق ، تم فيه استعراض نشاطات فريق اتحاد الفضلي وماحققه من نتائج وسمعة طيبة في مدينة النجف وخارجها من مرحلة تاسيسه لغاية عام ” 1967″ اذ استمر الفريق خلال هذه المدة الزمنية يمثل كرة القدم في النجف خير تمثيل وضم في صفوفه ابرز واشهر اللاعبين الذين معظهم يمثلون لواء كربلاء في اغلب البطولات المحلية ، ويستضيف فرق ذات مستوى فني عالٍ من مختلف مدن العراق ويحقق نتائجاً باهرة في اغلب مبارياته ، وبعد عدد من الجلسات الحوارية تولدت فكرة تأسيس نادي النجف الرياضي وكانت الهيئة المؤسسة تضم السادة محمد علي البلاغي ورؤوف كمونة وحسين السيد سلمان والشيخ عبد الزهرة الفضلي ومحمد عزيز الموسوي وحبيب عمران وعبد الرزاق الحبوبي ومحمد الخضري ومحمد الفضلي ، وقد صدرت اجازة تأسيس النادي في ” 27 – 11 -1967″ وبعد اجراء الانتخابات فاز محمد علي البلاغي بمنصب الرئيس ومحمد كمونة بمنصب نائب الرئيس ومحمد الفضلي اميناً للسر وبقي في منصبه لغاية عام ” 1972″ وقد باشر نادي النجف الرياضي خلال هذه الفترة الزمنية بالانشطة الرياضية ولاسيما لعبة كرة القدم وحقق عدد من الانجازات المهمة . اول رئيس نادٍ بعد الدمج بعد زيارة وزير الشباب حينذاك عدنان ايوب صبري الى مدينة النجف لتفقد الاندية الرياضية اوصى بأنه يجب ان يلغى احد الأندية اما الغري او النجف لتواجدها في منطقة جغرافية واحدة ، وهذا مخالف لتعليمات وازرة الشباب التي تنص الى وجوب تباعد الاندية وتوزيعها بحسب الكثافة السكانية ، وعقدت ادراة الناديين اجتماعاً تقررفيه دمج الناديين وقد استهوت الفكرة المرحوم محمد الفضلي وتم اجراء الانتخابات التي فاز فيها الفضلي بمنصب رئاسة اداراة النادي وكان هذا عام ” 1973″ وكان صاحب فكرة تبديل اسم نادي الغري الى نادي النجف وكان ذلك عام ” 1975″ . محطات في مسيرته – في عام 1973 استحصل موافقة اتحاد الكرة العراقي لتاسيس الاتحاد الفرعي للعبة في النجف عندما كان النجف قضاء تابعا اداريا للواء كربلاء وهذه سابقة لم تحصل في العراق . – نتيجة لنشطاته الرياضية البارزة في قضاء النجف تم نقل خدماته من وزارة التربية الى وزارة الشباب وكان ذلك عام ” 1973 ” وعين مديرا” لمركز الشباب وكان هذا هو الوحيد في المدينة الى حين تم تعينه كأول مدير شباب في محافظة النجف عام ” 1976 ” ، وايضا اول رئيس لممثلية اللجنة الاولمبية وكان ذلك في عام” 1977 ” وبقي في منصبه لعدد من الدورات الاولمبية . – تولى الفضلي رئاسة ادارة نادي النجف منذ عام” 1973 الى 1979″ وابتعد لظروفه الخاصة كان خلال هذه الفترة رئيساً فخرياً ، ثم عاد الى رئاسة النادي عام ” 1993″ وحتى عام” 1994″ الى حين تم اعتقاله في سجن الرضوانية لمدة طويلة بقرار جائر من الطاغية ( الكسيح )ومنعه من مواصلة النشاط الرياضي ، وعاد بعد رفع العقوبة عنه عاد الى رئاسة النادي عام” 1998 ” وحتى عام ” 2003 ” تمكن خلال ادارته لنادي النجف من خلق اجيالاً كفوءة من اللاعبين والمدربين والاداريين رفدوا المنتخبات الوطنية العراقية ليس على نطاق كرة القدم فحسب لكن في مختلف الالعاب الرياضية ، وتمكن من مزاحمة الفرق الجماهيرية اذ اصبحت كرة النجف لها مكانة مرموقة ورقماً من الارقام الصعبة وحقق في مشواره مع ناديه انجازات ، اهمها لقب بطل المرحلة الاولى ، ووصيفاً لبطل الدوري ووصيفاً لبطول القدس الدولية الرابعة . الوفود العراقية من خلال تميزه ونجاحه في قيادة الرياضة النجفية في المفصل الفني والاداري وماتم تحقيقه من انجازات رياضية على مختلف الاصعدة ، فقد نال ثقة الاتحادات المركزية العراقية ليترأس وفودها في المحافل الدولية ، و ترأس في عام ” 1974 ” وفد العراق الى المانيا , وايضا ً الوفد المشارك في بطولة دولية بالجمناستك قي بلغاريا عام ” 1976″ ، ووفد العراق المشارك في بطولة الخليج العربي بالعاب القوى التي اقيمت في العاصمة القطرية الدوحة ، ووفد العراق المشارك في بطولة جامعات العالم بالعاب القوى عام 1980 . نكران ذات وايثار حفلت المسيرة الطويلة لهذا الرياضي الكبير والتي تزيد على الخمسين عاماً بتضحيات كبيرة لازالت عالقة في ذاكرة كل رياضي نجفي اذ كانت حياته ( رحمه الله ) مكرسة للرياضة والرياضيين ، ولم يكن يمتلك وقتاً حتى لرعاية شؤون عائلته الاجتماعية والمالية التي كانت غير يسيرة بعض الشيء ، فقد منح الرياضة كل لحظة من لحظات حياته ، وقد ضحى كثيراً من اجل مدينته وناديه ، وهنا لنا وقفة مقتضبة مع ايثار المرحوم الفضلي فعندما اكمل دراسته الاعدادية تم قبوله في كلية العلوم السياسية ورفض الألتحاق بالكلية كي لايبتعد عن النجف وفريقه ذائع الصيت اتحاد الفضلي ، ثم حصل على فرصة ثانية عندما ظهر اسمه مع المقبولين في الكلية العسكرية ، وايضا رفض الذهاب ، وبعدها جاءته فرصة العمر لدراسة الدكتواره في الاعلام الرياضي في بعثة الى “هنكاريا” على نفقة وزارة الشباب مع اصحاب عائلته لكنه آثر البقاء في مدينته وقيادة ناديها الذي كان يحرص عليه بشكل كبير . بيع كتب والده من مآثره الكثيرة هي احدى القصص التي مرت في سيرة الراحل الفضلي ومازالت عالقة بذاكرة رياضيي مدينة النجف ، وتروى في كل محفل رياضي او عندما يتم التطرق الى ذكر المرحوم الفضلي ، اذ عندما أسس فريقه اتحاد الفضلي و الذي كانت له قاعدة جماهيرية كبيرة جدا تتابع مبارياته التي كان يضيف فيها فرق كروية شعبية ورسمية من مختلف مدن العراق ، وعندما كان يحضر الفريق الضيف تتم استضافته في بيت الفضلي اوبيت احد اللاعبين واطعام الفريق وجبة الغذاء واحيانا العشاء ، وكان نشاط الفريق يتوقف في ايام الامتحانات النهائية وفي يوم الجمعة الذي يسبق الامتحان , وطرقت باب منزل المرحوم ليفتحه واذا بسيارة كبيرة متفقة امام داره تحمل فريقا من العاصمة بغداد ، وعندما سألهم عن سبب المجيء ؟؟ أخبره رئيس الفريق البغدادي : انهم جاءوا للعب مباراة ، فأجابه الفضلي : ليس بيننا موعد مسبق على المباراة وبقي في حيرة من امره ، هل يلعب معهم وهو لايملك نفقات الضيافة ؟؟ وهل يرفض وهم ضيوف عنده !!! واخيرا وافق المرحوم على ان يلعب المباراة معهم وطلب من الفريق الضيف الذهاب الى مقر الفريق ريثما يعود اليهم ، فدخل الى الى مكتبة والده التي كانت تضم كتبا ثمنية جدا فتناول احد الكتب وذهب الى داره زميله محمد حسين اسماعيل وذهبا سويا الى سوق الكتب وباعه بـ ( دينار واحد ) وكان مبلغاً كبيراً في مرحلة الستينيات ، وتمت ضيافة الفريق الضيف بحسب الاصول وجرت المباراة وغادر الضيوف ، وعندما رجع الى البيت سأله والده من اين صرفتم على الفريق ؟ فأجابه المرحوم الفضلي : بأنه باع احد الكتب ، فدخل الشيخ لتفقد كتبه ثم عاد يضرب كفاً بكف !! واخبر ولده ان هذا الكتاب الذي باعه كان وضع بين اوارقه ( خمسة دنانير ) فراح الكتاب وضاعت الخمسة دنانير . رئيس الوفد يسجل هدفين ذكر الكابتن محمد حسين اسماعيل الذي كان مدرب فريق النجف فريق النجف في عام 1970 نظم النادي سفرة ترفيهية الى شمال العراق تتخللها مباراة ودية مع فريق نادي السليمانية ، وكان الوفد برئاسة المرحوم محمد الفضلي وقد تخلف اربعة لاعبين اساسين وسافرالوفد باثني عشر لاعبا ، وحين موعد المباراة واجهتني مشكلة ومررت بموقف محرج اذ مرض اثنين من اللاعبين ولازما الفراش وذهبنا الى الملعب بعشرة لاعبين ، وقبل بداية المباراة طلبت من المرحوم محمد الفضلي رئيس الوفد ان يرتدي التجهيزات الرياضية وينزل الى الساحة لاكمالعدد لاعبي الفريق ، تصور المرحوم الفضلي اني امزح معه !! لكن مع اصراري ولاعبي الفريق رضخ مرغماً لاراداتنا فارتدى التجهيزات ونزل الى المباراة ، وكان اكبر لاعب في العمر من كلا الفريقين واستطاع بخبراته المتراكمة في الملاعب ان يجاري اللاعبين الشباب ولعب بقوة وحماس وسجل هدفا في الشوط الاول وهدفا أخرا في الشوط الثاني لكن حكم حكم المباراة ألغاه بداعي التسلل ، معتمدا على سرعته في الهجمات المرتدة ، وتمكن فريق السليمانية من تسجيل هدف ومعادلة النتيجة . المصادر / (1) كتاب نادي النجف تأريخ وبطولات (2) كتاب تاريخ نادي النجف