في اخر تصريح له قال مدرب المنتخب الوطني راضي شنيشل “ان التأهل الى كأس العالم يحتاج الى تخطيط واموال كثيرة” بهذه العبارة اوجز الرجل قضية كبيرة شغلت ملايين المتابعين من عشاق الكرة ومحبيها على مدى يقرب من العام, فالانتقال الى النهائيات العالمية هدف لا تصل اليه المنتخبات بالتمنى والرغبات انما وفق تخطيط مسبق يقوم على استحضار جميع مقومات التنافس, وشروط الافضلية في الميدان لا تتحقق بمجرد ان تجمع عددا من اللاعبين وتزج بهم الى منازلة خصومك انما وفق عمل ممنهج يحقق شروط التفوق يستند الى الاموال لتسهيل عملية الاقتراب من الاهداف .
فما الذي دفع بالرجل للاعلان عن اهمية ثنائية التخطيط والمال في تحقيق هدف المشاركة بالتصفيات المونديالية؟
منذ مدة ليست بالقصيرة والرجل الذي قبل مهمة لعل قرار قبولها من اصعب القرارات التي يمكن لمدرب ابتدأ حياته التدريبية للتو ان يتخذها وهو عارف مدى صعوبتها كما هو مقدر لعواقب الفشل فيها وتاثيراته وانعكاساته على وضعه بشكل عام , يحاول هذا الرجل وضع مفردات الاعداد التي وضعها لمجموعة اللاعبين موضع الاختبار والتجريب عن طريق تفعيل الجانب العملي في منهاجه التدريبي الا انه يواجه صعوبات كثيرة في هذا المجال خصوصا بعد ان رفضت جميع المنتخبات الشقيقة والصديقة مواجهة كتيبته وديا وبعد عجز اتحاد الكرة عن توفير مباراة ودية قوية تجعل لامتحانه لأدوات لعبه جدوى وحيث انه قريب من مصادر القرار اتصور ان شنيشل يعرف اكثر من غيره ان الامور في كرة القدم بالعراق تدار بطريقة بعيدة جدا عن المنهجية والتخطيط كما يعرف انها تعاني العوز المادي ثم يعرف ايضا انه يلعب بالنار خصوصا ان على شنيشل ان يدخل مبارياته الخمسة المتبقة بالتصفية بروحية الفوز وان اي تهاون سيؤدي الى نتائج تضع التجربة بكامله قيد الانتقاد والتشهير.
قد يقول قائل لم على شنيشل الاستمرار بمهمة غير مأمونة العواقب ولماذا لم ينسحب طالما لم يلقى ما يدعم توجهاته نحو هدفه؟ ونقول لو كان الذي يقود المنتخب مدربا اخر زيكو او زيدان او كيروش او اي مدرب اشقر اخر هل سيتم تجاوز جدلية التخطيط والاموال التي اصطدم بها شنيشل؟ والجواب طبقا لمعطيات سابقة انه لافرق بين ان يقود المنتخب مدرب محلي او اجنبي فيما يخص موضوعة التخطيط لان هذا الفعل مرتبط بالعقلية الادارية المسؤولة عن توفير مفردات الاعداد ومسؤولة كذلك عن توفير الاموال .
اعتقد من غير المنصف ان نطلب من منتخب متعسر الاعداد بالطريقة التي نتابع ان يحقق انجاز فشلت ثلاثة اجيال سابقة في تحقيقه وسيكون مقبولا لو تعاطينا مع الامور بطريقة اكثر مرونة عند النظر الى حدود التوقع بطريقة واقعية وليست عاطفية , فالمدرب واقع بين نيران عدة لم يتحمل ان يخفي عن الشارع الرياضي بعض منها.
لاندافع عن شنيشل او غيره ولانريد ان نجلده بسياط غاب عنها الوعي انما الواقعية تفرض علينا النظر الى صعوبة المهمة بعقل ثاقب لا بعواطف مندفعة.
