حوارات
مجبل فرطوس:ماكلين صنع العصر الذهبي للكرة العراقية
مجبل فرطوس في حوار خاص:
الحزن ينتابني لحال ملعب الكشافة لانه ارث الكرة العراقية
الاسكتلنــدي ماكلينــن صنــع تاريخــا جديــدا والكــرة بعهــده مــرت بعصرهــا الذهبــي
بطــــولات الخليـــج للاعـــلام فقـــط ولا تضيــف شيئــا لمستــويـــات المنتخبـــات الفنيـــــة
الكرة العراقية ولود ومشكلتها في التنظيم فقط
* للجوية دين في عنقي ومع الكوت وضعت بصمتي
من منطقة الكسرة التي كانت بمثابة مصنع للنجوم في الفرق البغدادية انذاك ولد هذا النجم وشق طريقه لياخذ مكانه الحقيقي في صفوف اعرق الفرق العراقية وهو فريق القوة الجوية حاملا شارة قيادته وشارة قيادة منتخب العراق الاول الذي مثله خير تمثيل وفي مختلف المناسبات. شخصيته القيادية سهلت له اخذ زمام المدرب الاول في القوة الجوية ومساعد مدرب في المنتخب. احترف التدريب خارج البلاد وما زال مستمرا حتى هذه الساعة. كثيرة هي الصفحات التي قلبناها مع الكابتن مجبل فرطوس عبر هذا الحوار الذي لا يخلو من المتعة.
حاوره #فلورا رعد – عثمان عبد الله – خاص بمونديال
• كابتن مجبل ما هي ذكرياتك عن منطقة الكسرة التي خرجت منها لاعبا؟
– منطقة الكسرة هي منبع النجوم فأغلب اللاعبين الكبار الذين مروا على تأريخ الكرة العراقية هم من الكسرة. هذه المنطقة متأثرة بكرة القدم كون هناك ملعب الكشافة يحيط بها وهو الملعب الأول ببغداد، فقد كنا سابقاً وعندما نخرج من المدرسة نغير ثيابنا ونذهب مباشرةً الى الملعب فهو يمثل لنا الامل والطموح ورمزا كرويا حيا وأذكر جيداً انه كان يوجد منفذ من منافذ الملعب خاص بدخول المتفرجين وكنا نلعب بجانبه كل يوم.
حزنت على الملعب لان وضعه مزر، والمدرجات تالفة الى حد كبير، والأرضية حدث ولا حرج وكان من المفترض ان يكون هذا الملعب قدوة لكل ملاعب العراق ولكن للاسف الاهتمام بهذا الأرث شبه معدوم.
• نادي القوة الجوية حمل بصماتك وحملت بصماته، هل كنت تتخيل انه من الممكن ان تكون في فريق غيره؟
– وجودي في نادي القوة الجوية كان مفاجأة، فلم اكن افكر في يوم من الأيام ان انتمي لهذا النادي كون منافسه كان فريق الفرقة الثالثة، ولكن شاءت المصادفة ان امثله ولم العب في نادِ آخر غيره حتى الاعتزال، فقد مثلته كلاعب نحو 12 عاما، ودربت الفريق لمدة 8 سنوات، ولاتزال تلك الايام من اجمل مراحل حياتي، فنادي القوة الجوية كان يتمتع بجماهير غفيرة وعندما اصبحت مدربا للفريق تضاعفت المسؤولية عليّ لانهم كانوا يطالبونني بالفوز بإستمرار، ولابد ان اشير الى ان جماهير فريق القوة الجوية لها كلمة على المدرب واللاعبين فتأثيرهم فينا كان قويا جداً لأن حبهم للفريق تجاوز مراحل التشجيع الكروي واصبحوا يعدّونه بيتهم الثاني.
• كنت من ضمن التشكيلة التي شاركت اول مرة في تصفيات عام 1973 هل كان ممكنا لمنتخبنا ان يتاهل حينها وكيف كانت استعداداتكم للتصفيات؟
– في الواقع كان بإمكاننا ان نتأهل لولا ضعف الاستعداد الذي لم يكن بمستوى الطموح ولم يرتق لبطولة كأس العالم. فأداؤنا ونتائجنا كانت جيدة جداً, صحيح اننا خسرنا امام المنتخب الاسترالي بهدف لثلاثة اهداف ولكننا تعادلنا معهم في مباراة الأياب ونوعز سبب خسارة المباراة الأولى الى فارق التوقيت والتغييرات المناخية التي لم نكن متأقلمين معها وكان من المفترض ان يأخذنا الإتحاد الى هناك قبل المباراة بإسبوع على الأقل لنتأقلم مع تلك الأوضاع.
فريقنا في تلك البطولة كان قويا جداً والمدرب يوريا كان ممتازا حيث فزنا على اغلب المنتخبات وضيعنا فرصا كثيرة في المباريات وانا شاركت في ست مباريات كاملة.
• داني ماكلينن هل اضاف لكم الكثير؟
– من أهم وأفضل المدربين الذين أشرفوا على تأريخ الكرة العراقية فقد وضع الجانب البدني فوق الجانب التكتيكي, كان يركز على اللياقة البدنية للاعبين وبالمقابل كان يقرأ الفريق المنافس ويضع الحلول والخطة المناسبة. ما يميزه هو إختياره الصحيح للاعبين وطريقة توظيفهم داخل الملعب حيث احدث ثورة كبيرة في إضافة لاعبين عمالقة ومنهم رعد حمودي وعادل خضير ومحمد طبرة وصباح عبدالجليل. وفي عهده قدمنا عروضا ممتازة وفزنا على السعودية بسبعة أهداف مقابل هدف في الدورة الخليجية ولكننا خسرنا في النهائي من المنتخب الكويتي.
الكرة العراقية في عهد المدرب ماكلينن مرت بعصرها الذهبي حيث قدم المنتخب اداء جيدا جداً ولعبنا مباريات مع منتخبات اوروبية مختلفة.
• هلا حدثتمونا عن الاحداث التي رافقت مباراتنا مع الكويت في دورة الخليج عام 1976 لا سيما الخلافات الحادة بين ماكلينن وعمو بابا؟
– لا توجد خلافات بينهما بتاتاً وكل ما اشيع بهذا الخصوص لا اساس له من الصحة وانا شخصياً كنت قريبا من الاثنين وكنت كابتن الفريق واشاركهما احياناً في الامور الإدارية ولم اسمع شيئاً متعلقاً بخلافات شخصية بينهما، بالعكس كان الطابع الودي والاحترام المتبادل هو عنوان ما يربطهما ببعضهما.
• هل كنتم كلاعبين مقتنعين بجدوى المشاركة في بطولة مثل كاس الخليج؟
– دورات الخليج هي بطولات اعلامية اكثر من كونها فنية. فنحن كلاعبين لم تضف تلك الدورات لمستوياتنا الفنية الشيء الكثير. أستطيع ان اجزم بأنها بطولة خالية من الفائدة الفنية لكون الفرق التي نواجهها كانت متقاربة المستوى وليست اقوى منا تكتيكياً ومهارياً.
• هل المتك مطالبة جمهور الجوية بابعادكم عن تدريب الفريق بعد الخسارة امام الصناعة في ملعب الكشافة؟
– نادي القوة الجوية سابقاً ليس كما هو عليه اليوم. فسابقاً لم نستطع استقدام لاعب للنادي الا اذا كان عسكرياً لذلك كان عدد اللاعبين المتميزين قليلا جداً حيث لم تكن هنالك عقود احترافية كما هو اليوم. بعدما تركت النادي بسنتين او ثلاث تغير الوضع وأصبحت هناك تعيينات وعقود للاعبين مدنيين. ففي الفترة التي كنت اُدرب بها الفريق كان مستوى اللاعبين محدود وباقي اندية الدوري مثل الزوراء والشرطة كانوا يتعاقدون مع افضل اللاعبين المدنيين اما الجماهير الجوية فكانت لا تأبة لتلك الظروف وكانت تفكر بالفوز فقط لا غير.
• كنتم ضمن الملاك التدريبي للمنتخب في نهائيات لوس انجلوس لماذا لم يتوفق الفريق حينها وهل نجح عمو بابا في ادارة المباريات؟
– لعبنا مع كندا وتعادلنا بهدف لمثله وانا اعدها نتيجة جيدة نظراً لقوة الفريق آنذاك. في المباراة الثانية لعبنا مع منتخب الكاميرون وهو بطل أفريقيا وكان حينها بقمة عطائه وكان لاعبوه من افضل اللاعبين على مستوى القارة السمراء فأغلبهم كان محترفاً في اوروبا ومع ذلك خسرنا بهدف وحيد وايضاً تعد نتيجة جيدة. المباراة الأخيرة كانت مع منتخب يوغسلافيا وكنا متقدمين عليهم بشوط المباراة الأول بهدفين دون مقابل ولكن المباراة انتهت بنتيجة اربعة اهداف مقابل هدفين لمنتخبنا. المدرب ادار المباريات بشكل جيد ولكن الفرق جميعها كانت اقوى من امكانية لاعبينا فأغلبهم كان محترفاً في اندية اوروبية متقدمة.
• دربتم نادي الكوت عام 1993 هل كان العمل بمستـــــــــوى الطمــــوح ام ان ظـــروف الحصــــار انـــــذاك جعلتكم تقبلون المهمة؟
– كانت تجربة مفيدة وناجحة واستطعت ان اكوّن فريقا عالي المستوى وحتى محافظ واسط كان يشجعنا وخصص لنا راتبا من المحافظة وتخيلي أن الكوت يصبح ترتيبه السادس على الدوري من اصل 14 فريقا حيث تمكنا آنذاك من التفوق حتى على الاندية الجماهيرية فقد فزنا على الجوية والصناعة وتعادلنا مع الزوراء وكانت تعد هذه النتائج إيجابية. من خلال نادي الكوت برزت اسماء على مستوى عالِ والحصار لم يؤثر فينا فحضور الجماهير للمدرجات وتجاوب اللاعبين للتعليمات كلها امور كانت تسير على ما يرام وما يميز عملنا هو اننا كنا نعمل كعائلة واحدة واستطعنا بفضل من الله ان نعمل فريقا قويا جداً.
• كيف وجدتم اجواء التدريب في قطر؟
– معروف عني بأني انسان صريح وبصراحتي المعهودة اقول إن قطر من احسن الدول في العالم من ناحية التدريب لانها توفر افضل الملاعب والقاعات، فكل ناد قطري لديه استاد رئيس وملاعب ملحقة وأرضية تلك الملاعب مفروشة بـ(حشيش) طبيعي يساعد اللاعبين والمدربين على التدريب بشكل ممتاز.
قطر حققت نهضة كروية في عالم المستديرة واحرزوا مؤخراً لقب شباب آسيا والمركز الرابع مع الأولمبي. فهنا اجواء التدريب ممتازة لان كل عوامل النجاح متوفرة ولو توفر لدينا في العراق مثل الملاعب القطرية لوصلنا الى كأس العالم كل عام.
• وضع الكرة العراقية الحالي كيف تقومونه؟
– الكرة العراقية ولود وهي منجم للمواهب الشابة ونحن لدينا لاعبون على مستوى عالِ ولكن المشكلة تكمن في التنظيم وهذا يبدأ بالاتحادات الفرعية وإدارات الأندية والمسابقات المحلية المختلفة ومنها الدوري العراقي الذي يفتقر الى الاستقرار فمواعيد المباريات غير ثابتة والتأجيلات التي تحصل فيه كثيرة وهناك عراقيل اخرى تقف ضد تطور الكرة العراقية ومنها الملاعب غير الجيدة بكل محافظات العراق وليس في بغداد فقط فهي غير نظامية ولا تصلح حتى للتمرين فكيف بالمباريات الرسمية؟.
• المدرب الاجنبي للكرة العراقية ضرورة ام ترف؟
– الخبرات الأجنبية مفيدة وخاصة في الوقت الحالي بعدما انغلق كل شيء عن المدرب المحلي وحتى شهادات التدريب مثل الأي والبي والسي ليست بمستوى الطموح فهي لا تطور من مواهب المدرب وإنما تعد إجازة تساعدهم على ممارسة مهنة التدريب.
لا نختلف على حقيقة ان المدرب الأجنبي هو الأفضل لكرتنا واتمنى ان يتم استقطاب مدربين اجانب ليس للمنتخبات الوطنية فقط وإنما للأندية المحلية ايضاً, الأمر الذي لا يحط من قيمة مدربينا ولكن هو شيء يصب في صالحهم كونهم سيكونون على تماس مع مدربين خبراء اصحاب مقدرة هائلة في هذا المجال، فالمدرب العراقي بحاجة الى الانفتاح والتعلم من نظيره الأجنبي فكل اندية العالم تقيم معسكرات تدريبية في قطر ومن خلال عملنا هنا فنحن دائماً ما نذهب الى مقراتهم للإستفادة من المناهج التي يتبعونها. ولكن هناك حقيقة لا بد من الاقرار بها وهي ان وضع البلد الحالي لا يسمح بهكذا خطوة بسبب التقشف وامور امنية اخرى، ولكن من ناحية اخرى نجد أن المدرب الاجنبي له دور كبير في إعلاء شأن الكرة العراقية فمثلاً مدرب اللياقة البدنية الاسباني كونزالو ادى دورا كبيرا في تفوق منتخباتنا العراقية في المدة الأخيرة فقد ساعد على تهيئة اللاعبين بدنيا وإعدادهم بشكل سليم ما اثمر ذلك عن إنجاز التأهل الى نهائيات ريو دي جانيرو.
* ظاهرة التزوير في منتخبات الفئات العمرية كيف ترى تاثيرها في مستقبل الكرة العراقية؟
– مشكلة التزوير موجودة منذ الأزل وتم فضح الكثير من المدربين الذي يحثون عليها وهي تعد آفة خطيرة وحتى الآن تأثيرها السلبي واضح في نتائج منتخباتنا. المطلوب من الجهات العليا وقفة جادة للتخلص من هذه الظاهرة السلبية التي تقتل مواهب الكرة العراقية واتمنى بمرور الوقت ان نتخلص بشكل أبدي من هذا المرض الخبيث الذي ينخر بجسد كرتنا العريقة وهذا يحصل بالتكاتف والعمل الجماعي لحل هذه الأزمة.
• مابين القوة الجوية والوكرة كيف تصف عملك من الناحية الإدارية.
– في تلك المدة كنت في قمة عطائي ونضجي وانا ممتن جداً لنادي القوة الجوية لأن منه كانت انطلاقتي وهو من اوصلني الى المنتخبات الوطنية وعرّف الناس بإسم مجبل فرطوس وله فضل كبير عليّ لن انساه ما حييت.
اما نادي الوكرة فقد بدأت معه تدريجياً عندما تسلمت المراحل العمرية من اشبال وناشئين وشباب وبعدها الرديف والفريق الأول واحمد لله على نجاحي مع هذا النادي الذي حققت معه بطولة دوري كأس الرديف وكأس قطر. عملت في نادي الوكرة نحو اثنى عشر عاماً.
• دائما ما تكون أنت وبقية زملائك بجوار وفود المنتخبات العراقية المبعوثة الى قطر، بصراحتك المعهودة أين يكمن الخلل في عدم انسجام بعض أعضاء الاتحاد مع من ينتقدهم من النجوم الكبار في القنوات الفضائية؟
– الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية وهناك وجهات نظر مختلفة بين الاتحاد ونجوم الكرة العراقية السابقين ولكن من الضروري ان يكون هذا الاختلاف خاليا من المشاكل والحقد والبغضاء لان جميع الاراء تصب في صالح الكرة العراقية وكل ما اطلبه هو ان يكون هناك تقبل للرأي والرأي الآخر.
نحن نختلف احياناً في وجهات النظر ولكن لم يصل يوماً هذا الاختلاف الى حد القطيعة والنرفزة وانا شخصياً ليس لدي اي خلاف مع اي لاعب او مسؤول او مدرب عراقي.
• ظاهرة تمرد اللاعب العراقي على الوفود الرياضية بماذا تعلل أسبابها وهل كان قرار المدرب بأبعاد سيف سلمان صحيحا؟
– القرار كان صحيحاً لان سيف سلمان قال قبل المباراة بأنه لو لعب اساسياً بالفريق فإنه سيبقى مع المنتخب ولكن إذا زج به المدرب احتياطياً فإنه سيغادر البعثة. في الواقع هذه المسائل تؤثر في القوانين الانضباطية داخل الفريق وتعد ظاهرة خطيرة يجب استئصالها لان تشكيلة المباراة ليست طلبات مستمعين وهذه المسألة تخص المدرب لأنها من صلب عمله وعلى هذا الاساس فإن قرار المدرب كان صحيحاً ويجب ان يكون اللاعب سيف سلمان عبرةً لغيره من اللاعبين وان يكون هناك رادع لهكذا تصرفات في المستقبل لانها ظاهرة خطيرة ويجب ان لا تتكرر.