منجزنا مستورد فلا حاجة لمغالطة الواقع

مخلد غلام – منتدى كووورة عراقية
المتتبع لتاريخ الكرة العراقية سيجد ان للكرة العراقية منجزين يتيمين هما التأهل لمونديال المكسيك 1986 و الفوز بلقب بطل آسيا 2007 ، وما سواهما لم يكن الا مشاركات تتراوح بين الجرأة حيناً و الخجل أحياناً أخرى .
الا اللهم منجز الأولمبي سنة 2004 مع المدرب عدنان حمد بأولمبياد أثينا ، وهنا يكثر حديث و شد و جذب خصوصاً أن المنتخب كان يضم عناصر جاهزة او شبه جاهزة .
على العموم و لإختصار الفكرة و حفاظاً على بنية و وحدة الموضوع فإن المنجز المونديالي جاء بإمضاء المدرب البرازيلي إيدو شقيق اللاعب و المدرب البرازيلي الشهير زيكو ؛ و الذي جمع منتخب يضم خيرة الأسماء التي مرت على الكرة العراقية سابقاً و حينها ايضاً جاء المدرب بمرحلة صعبة فأنقذ المنتخب بما يملكه من عناصر و وضع خطاه على الدرب الصحيح ليسجل العراق مشاركته اليتيمة و الأبرز بحضور تشريفي لا بأس به .
عشرات الأسماء منذ 1986 حتى اليوم لم تفلح بتكرار مغامرة إيدو و رفاقه رغم تواجد نفس العناصر الفنية او عناصر اخرى مشابهة لها في المستوى و الامكانيات !
كذلك الأمر حصل مع البرازيلي الآخر الذي فاز بلقب كأس آسيا كما فاز بحيازته على الروح العراقية الا وهو البرازيلي جورفان فييرا ، فييرا حضر و وجد توليفة لاعبين اطلع على امكانياتها و قدراتها و عمل على صقل تلك الامكانات و توظيف العناصر بالشكل الصحيح الذي يؤدي لنتائج طيبة .
لم يخطر على بال أحد من المتابعين و حتى أكثرهم تفاؤلاً ان العراق سيصل لما وصل إليه الا ان اجتهاد المدرب و مواظبة لاعبيه و ابتسام الحظ لارادة كتيبة يونس و رفاقه أثمرت عن لقب آسيوي غالي و عزيز ولم يكرره أحد من بعد فييرا حتى اللحظة !
بل أن فييرا نفسه لم يستطع الحفاظ على مستوى الفريق و قوته و مُني بخسائر مخجلة في بطولة كأس الخليج 2009 حين سقط برباعية و ثلاثية أمام فرق اعتيادية جداً كالبحرين و عمان !
هنا اذن يتضح للعيان ان المستويات الجيدة التي قدمها منتخبنا و بما فيها ما سجله من منجزات قليلة جاءت بفضل يد أجنبية ساهمت بصنع الاستقرار و إيجاد التوليفة الملائمة .
بل حتى التصفيات الجارية الان حين كان زيكو مدرباً بمراحلها الأولية كانت المستويات طيبة نوعاً ما و شاهدنا فارقاً ملحوظاً الا ان المسيرة لم تستمر بسبب جشع زيكو المادي و جهل الاتحاد العراقي لكرة القدم و تكاسله و إهماله .
نعود لنهائيات اسيا 2015 فالمستوى الذي قدمه سيدكا مع الفريق كان ممتازاً جداً لولا الحكم القطري سيء الذكر عبد الرحمن عبدو و ضغطه على لاعبينا و هفوة الدقائق الأخيرة في موقعة استراليا التي اطاحت بآمالنا في مراحل طيبة من التصفيات .
و ايضاً يجب ان لا يفارق الذهن المشاركة الجيدة للمنتخب العراقي في بطولة كأس القارات 2009 بجنوب افريقيا حيث استطاع فيه الصربي بورا و لاعبيه انتزاع تعادل مهم و غالي من عملاق اوربا و بطل العالم الماتدور الاسباني باداء مميز تحقق بفترة تدريبية قصيرة لا تتعدى الشهرين .
اذاً من تجاربنا السابقة نستنتج ان المدربين الاجانب وحدهم استطاعوا اظهار العراق بحلة لائقة و اداء منسق يشار له بالبنان ‘ و وحدهم استطاعوا تحقيق انجاز مسجل تاريخياً تحفظه الخزائن و الاذهان .
ان دل ذلك على شيء يدل على تفوق العقلية التدريبية التي يتمتع بها الاجنبي على حساب المدرب المحلي ، حيث يستطيع الاجنبي توظيف اللاعبين بشكل مناسب يلائم امكاناتهم و يلبي متطلبات كل مباراة على حدة .
بينما يعجز المحلي عن ذلك و يستمر بالعناد و المكابرة و عدم الاصغاء للنصائح الفنية المختلفة ، الاجنبي يلعب بما ممكن مع التركيز على ضبط الايقاع بينما المحلي يسقط بواحدة من حفرتين :
اما الرغبة بما هو خارج المستطاع وهذا يرهق اللاعبين و لا يجدي نفعاً ؛ أو كبح الامكانات وعدم توظيفها بالشكل الملائم وهذا يقتل الروح و يزرع القلق .
منذ 3 سنوات تقريباً و نحن لم نشاهد بطاقة تبديل أجريت بشكل صحيح في مختلف منتخباتنا العمرية ، وهذا يعود لسوء قراءة المباريات لا سيما الأولمبي و الوطني و الشبابي .. نخص بالذكر
حكيم شاكر – يحيى علوان – عبد الغني شهد – راضي شنيشل
كما نلحظ ان منتخبنا يقع بين مطرقة الخصم و سندان ضعف استجابة المدرب ، حيث لم يشهد شوط المدربين في منتخب العراق اي اجراء تكتيكي او تبديل يغير من واقع المباريات !
المشكلة تكمن في ان العراق يملك خامات لاعبين جيدة لكنه لا يحسن اختيار المدراء الفنيين على مر سنوات قضت .
فلا يعقل ان جيلا أحمد راضي و يونس محمود لم يحققا سوى انجاز وحيد لكل منهما !؟
و كيف ان منتخب يضم لاعبين بحجم الراحل عباس رحيم و حسام فوزي و حبيب جعفر و ليث حسين و عباس عبيد و اخرين لا مجال لذكرهم ، لم يسعفه الزمن بنيل بطولة اسيوية او الظفر ببطاقة تأهل مونديالية !
أجيال لعبت كرة قدم حقيقية لم تجلب للخزائن شيء و السبب هو سوء التوظيف و التخطيط و غياب العقلية الاجنبية المحترفة ، تلك العقلية التي تملك بدائل و حلول و تقرأ المباراة من مختلف الزوايا و تعالج الاخطاء بقرارات آنية و لا تلقي باللائمة على الحظ و التوفيق .
يطالب اليوم كثيرٌ من الجماهير اقالة الكادر الفني العراقي و العثور على بديل اجنبي يكون اهلاً لتحمل المسؤولية و كفوءاً لخوض غمار المنافسة .. بينما يرى البعض ان الوقت ضيق ولا مجال كاف للتعاقد مع مدرب اجنبي و الرضوخ للأمر الواقع ببقاء شنيشل مدرباً للمنتخب .
نسي كثير من الجمهور أن بورا قاد المنتخب بكأس القارات قبل شهر من المنافسة ، و أن زيكو التحق بمشوار التصفيات قبل فترة قريبة هي الآخرى كما هو الحال مع سيدكا .
نحن اليوم نعيش بعصر تكنلوجي متطور ، عصر السرعة حيث كل شيء يتم بلحظات ‘ اليوم المدرب يدرس وضع الفريق قبل ان يتولى المهمة ثم يقبلها وهو يملك تصور كامل عن الفريق الذي يشرع بقيادته ثم هناك تسجيل للمباريات و ملخصات للاعبين و هناك مدربين مساعدين و مستشارين و محللين يساعدون المدرب بمهمته !
لذلك ففترة شهر كفيلة بتحقيق ما يُرجى تحقيقه أمام منتخبات تشهد هي الأخرى تذبذباً في المستوى و غياباً للإستقرار في الأداء •
كل ما يتطلبه الأمر هو جلسة تفكير يعقبها قرار شجاع ، أما المضي بإقالة المدرب المحلي و جلب بديل أجنبي قادر على فرض إسمه و تغيير الواقع ..
أو الإبقاء على مدرب أنفق 400.000 $ أربعمائة ألف دولار كمعسكرات و تكاليف سفر لما يقارب الـ 23 لاعب محلي لتكون المحصلة استدعاء مهاجم وحيد لم يشرك ولو لدقيقة واحدة في المباريات الرسمية الا وهو المهاجم جاسم محمد !!