رحلات العراق الى كاس العالم من وجه نظر
منتدى كووورة عراقية – الجبل الازرق
خلال السنين الماضية تعرض العديد من الكتاب في مكع او خارجه لفرص منتخبنا الوطني في تصفيات كاس العالم في المحاولات السابقة واسباب فشلنا في تكرار انجاز 1986 , ونحاول اليوم في هذه السلسلة القصيرة التعرض لتلك المشاركات بطريقة معكوسة وذلك ب : تبيان الاسباب التي كانت ستوصلنا الى النجاح لو توفرت , وفقا لوجهة نظر شخصية ليس الا !
كاس العالم 1974:
لم يشترك العراق في تصفيات كاس العالم من 1954 وحتى 1970 رغم نيله عضوية الفيفا خلال اجتماعات الاخير في البرازيل على هامش كاس العالم الرابعة 1950 , لانه كان خارج منظومة الاتحاد الاسيوي ولم ينل عضويته الا في عام 1971 عندما قررت دول المجموعة العربية انهاء مقاطعتها لنشاطات الاتحاد الاسيوي[1] والدخول بقوة لقطع الطريق امام الكيان الصهيوني وهو الموقف الذي ادى الى اصدار قرار الطرد في عام 1974 والذي طبق فعليا بعد مونديال 1978 ! ولعل غياب العراق عن كاس العالم خلال تلك الفترة كان ايضا لايمان القائمين على الكرة العراقية بعدم قدرة الاخيرة على مقارعة الكبار عالميا لذلك تم الاكتفاء بالمشاركة في التصفيات الاولمبية وكاس العالم العسكرية والبطولات العربية , ولكن في نهاية الستينات توقفت البطولات العربية , كذلك كانت بطولة العالم العسكرية تعيش حالة من انعدام الوزن , كل ذلك ادى الى غياب الكرة العراقية عن اي مشاركات تذكر خلال الفترة 1969-1970 , ليكون الانضمام الى حظيرة الاتحاد الاسيوي المخرج للكرة العراقية !
على ضوء كل تلك المعطيات شارك العراق في تصفيات كاس العالم 1974 لاول مرة في تاريخه , تحت قيادة المدرب الهنغاري جيولا تالاكي , الذي تسلم المنتخب قبل فترة وجيزة من التصفيات , ولم يخض المنتخب الا مباراتين ضد فريق لاسكوف البلغاري في بغداد , قبل ان يعلن المدرب عن قائمة ال (18) لاعبا , لتلي ذلك رحلة جوية طويلة من بغداد مرورا بسنغافورة وانتهاءا بسدني تخللتها ساعات انتظار طويلة وبهذلة في المطارات , ليصل منتخبنا الى استراليا قبل اقل من (72) ساعة على المباراة الاولى ضد استراليا [2], في التصفيات التي جرت ذهابا وايابا في نفس البلد (استراليا) بعد اعتذار العراق عن استضافة ادوار الاياب بسبب ضيق ذات اليد , المدرب لم ينل الوقت الكافي ليعرف ادواته , بدا التصفيات ب جلال عبد الرحمن لحراسة المرمى , عبد كاظم الكابتن ومجبل فرطوس ودكلص عزيز وصاحب خزعل للدفاع , شدراك يوسف ورياض نوري للوسط , عمو يوسف وصلاح عبيد وصباح حاتم وعلي كاظم للهجوم , وانتهى باشراك كل من ستار خلف ورحيم كريم وقيصر حميد ورزاق احمد وبشار رشيد اي تغيير (5) لاعبين على الاقل في بقية مباريات التصفيات , لعب الحارس العملاق ستار خلف في (5) مباريات من مباريات التصفيات الستة ولم يخسر العراق معه اي مباراة , الخسارة الوحيدة كانت امام استراليا حين اختار المدرب الحارس الشاب جلال عبد الرحمن لكي يحرس مرمى العراق , وسبب الاختيار حسب وجهة نظر المدرب الروح الانكسارية لستار قبل المباراة [3] , رغم كل تلك الظروف كاد العراق ان يتاهل الى المرحلة الثانية , في جولة الذهاب جمع منتخبنا (3) نقاط من فوز على نيوزلندا وتعادل مع اندونيسيا , وجمعت استراليا (5) نقاط , في جولة الاياب جمع العراق (5) نقاط وجمعت استراليا (4) ليصبح المجموع (9) نقاط لاستراليا و(8) للعراق , ولكن هل كان منتخبنا قادرا على الوصول الى كاس العالم فيما لو تجاوز الفريق الاسترالي ؟ لو تجاوزنا استراليا للاقينا الفريق الايراني الذي كان يعيش عصره الذهبي , والذي كان امرا تجاوزه متعذرا , لذلك وباختصار لم يكن لدينا فرصة حقيقية للتواجد في تلك البطولة لاننا لم نكن الافضل اسيويا , ولكن المشاركة يمكن اعتبارها جيدة قياسا لظروف الاعداد !
كاس العالم 1982 :
لم يتمكن العراق من الاشتراك في كاس العالم 1978 بسبب استمرار تواجد الكيان الصهيوني في التصفيات الاسيوية رغم قرار الابعاد الذي صدر في عام 1974 , والذي تمكن الصهاينة من الالتفاف عليه , قبل ان يتم ابعادهم الى تصفيات اوربا في 1982 ثم اوقيانوس 1986 و1990 ثم العودة الى اوربا في 1994 !
شارك العراق في تصفيات كاس العالم 1982 بظروف عصيبة مرت على البلاد , فالفريق العراقي الذي فاز بكاس الخليج وبرز في موسكو 1980 لم يعد كما كان , بعد ان تكالبت عليه الظروف , منها : كلاكيت ثاني مرة يتم تعيين المدرب قبل فترة قصيرة جدا من انطلاق التصفيات وهو المدرب اليوغسلافي فويا , كذلك كلاكيت ثاني مرة التصفيات تجري في بلد واحد منافس هو السعودية , نفس الاخطاء التي كانت في تصفيات 74 تكررت بعد ثمان سنوات , الى جانب افة جديدة هي الاستخفاف بالخصوم حيث قبل القائمون على الكرة العراقية ان تجري التصفيات بجولة واحدة في السعودية وعلى ارض ملعب من التارتان باعتبار ان الامور محسومة وان الفريق العراقي سيكون قادرا على اجتياز السعودية [4] , وذلك عطفا على الفوز الذي تحقق في خليجي 5 في بغداد مع عمو بابا , وكذلك خليجي 4 مع ماكلنن !! سقط منتخبنا امام السعودية بعد طرد عادل خضير بسبب سلوكه غير الرياضي , وعدا ذلك كانت الانتصارات العراقية على سوريا والبحرين وقطر قد تحققت بشق الانفس , ويمكن وصف التجربة بانها الاضعف حتى ذلك التاريخ حيث كان المنتخب قادرا على الوصول الى المرحلة النهائية على اقل تقدير لو تم اعطاء التصفيات حقها ! لاحقا تاهلت السعودية وواجهت الكويت والصين ونيوزلندا في تصفيات جرت باسلوب الذهاب والاياب , وكان المنتخب السعودي الحلقة الاضعف حيث جمع نقطة واحدة من 6 مباريات وتاهلت على اثر ذلك الكويت كاولى ونيوزلندا كثانية الى المونديال , وكان للفوز الغريب الذي حققته الاخيرة على السعودية في المباراة الاخيرة في الرياض ب 5-صفر اثره في تاهل الاخيرة بعد مباراة فاصلة مع الصينيين ! ولو تاهل العراق الى المرحلة الحاسمة لخاض مبارياته التي على ارضه على ارض محايدة وقد لا يكون قادرا على التاهل , بوجود منتخبي الكويت والصين اللذين كانا يمثلان قوتين كبيرتين في اسيا في حينها !
كاس العالم 1990 :
لم تتوفر للمنتخب العراقي ظروف ملائمة لاصطياد الهدف وبلوغ المونديال مرة ثانية مثلما توفرت في تصفيات كاس العالم 1990 , حيث كان البلد يعيش في حالة سلام نادرة , وتمكن المنتخب من خوض مباريات التصفية في بغداد , وكان مدرب الفريق هو الكابتن عمو بابا الذي يقود المنتخب منذ عام 1987 , اضافة الى امتلاك الكرة العراقية افضل مجموعة من اللاعبين جمعت بين الخبرة والشباب , متسلحة بانجازات ونجاحات متتالية من الوصول الى اولمبياد سيؤول والفوز ببطولات الخليج والعرب , وعندما انطلقت التصفيات في مطلع عام 1989 كان الجميع شبه واثق من قدرة المنتخب على تجاوز المجموعة التي تضم قطر وعمان والاردن بمنتهى السهولة , خصوصا بعد الافضلية الواضحة للعراق على قطر خلال عامي 87-88 عندما تغلب العراق عليها 3-1 و4-1 و3-صفر في اخر ثلاث مواجهات , بدات التصفيات بقوة وتعادل منتخبنا مع عمان 1-1 في مسقط على غرار تعادله في خليجي 9 , وفازت قطر على الاردن بصعوبة 1-صفر , وفي الجولة الثانية فاز منتخبنا على الاردن في عمان بهدف غانم عريبي الذي جاء بتسديدة من خارج منطقة الجزاء , في حين سقطت قطر هي الاخرى بفخ التعادل مع عمان سلبيا , وجاءت اخر مباريات الجولة بلقاء فض الشراكة في الدوحة وتمكنت قطر من الفوز بهدف واحد وعبثا حاول منتخبنا تعديل النتيجة في مباراة غاب فيها مفتاح فوز العراق على قطر في اخر مواجهتين حبيب جعفر ! لم يكن لليث حسين دور في التصفيات , كما تم تفريغ لاعبي منتخب الشباب الاخرين راضي شنيشل وسعد عبد الحميد , ومع غياب سعد قيس في اول (4) مباريات واستمرار غياب حبيب , اخذت مهمة التصفيات تزداد صعوبة , خصوصا بعد قرار اعفاء المدرب عمو بابا في الفترة الفاصلة قبل انطلاق جولة الاياب التي جرت ولاول مرة في بغداد , رغم ذلك حقق منتخبا الفوز على عمان 3-1 وعلى الاردن 4-صفر , وجاءت مباراة الحسم وتدخل القدر بشكل بقعة زلقة امام المرمى العراقي سقط فيها المدافع (اعتقد غانم عريبي) وهو يحاول ابعادها لتتهيأ الكرة امام المهاجم القطري الذي اودعها الشباك لتتقدم قطر 1-صفر في ملعب الشعب وتصبح مهمة منتخبنا البحث عن هدفين بدل واحد , هدفان هيئهما ناطق هاشم وضعت منتخبنا في المقدمة في الدقيقة 75 , ولكن في نفس الوقت اصبح الشد على اعصاب لاعبينا للحفاظ على النتيجة واضحا , وبشكل مكن لاعب قطر عادل خميس من هز شباكنا بالهدف القاتل ! بعد ذلك تاهلت قطر الى الدور الحاسم الذي جرى بطريقة الدوري لمرحلة واحدة في سنغافورة , ورغم البداية المتواضعة بالتعادل في ثلاث مباريات والخسارة امام كوريا الشمالية الا ان الفوز على الصين في المباراة الاخيرة جعلها تخرج بفارق نقطة واحدة عن الامارات التي بلغت المونديال , في المقابل لو شارك منتخبنا في الدور الحاسم بدل قطر لواجه منتخبات الكوريتين والامارات والصين والسعودية , ولعل الفرصة تكون مواتية في التاهل , ولكن الاقدار شاءت غير ذلك , رغم انه كان بالامكان احسن مما كان وبكثير !
المصادر:
[1] -مقالة للاستاذ مؤيد البدري نشرت الكترونيا
[2] -ذكر الكابتن دكلص عزيز في لقاء جرى مؤخرا ان منتخبنا وصل قبل اقل من 24 ساعة من المباراة الاولى
[3] -الدكتور كاظم العبادي “كرة القدم العراقية بين التقييم والتقويم” حيث قام بزيارة ومحاورة المدرب تالاكي في عام 2011
[4] -الدكتور كاظم العبادي نفس المصدر السابق حيث التقى بالمدرب فويا ايضا